الجمعة، 15 يوليو 2016

التِّيه العقائدي

إنَّ التيه العقائدي الذي يعيشه البعض في هذا العصر لم يَسبق له مثيلٌ عَبر تاريخ الأمة !
فأصبح بعضهم  لا يستنكف أنْ يَبيع دينهُ والثمن لا شيء !

وآخر ينطق بالضّلالةِ والهوى تحتَ شعاراتٍ رنانةٍ زائفة ٍظاهرُها الفلاح والنّجاح وباطِنُها التَّردي والانبطاح.

لا أدري كيف يجتمع حب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وحب لاعنِها ومُبغِضِها في قلب امرءٍ مسلم مؤمن بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ! ؟

ولا أفهم كيف يحوي صدر يُبجِلُ أبا بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما إخاء مع مُكفِرهما وسابهما ! ؟

بل كيف يستوي في عقيدة مسلم من إذا دعا واستغاث نادى : يا الله مع من إذا دعا واستغاث نادى : يا علي ويا حسين ويا .... الخ! ؟

فهل استوى عند هؤلاء الضلالة والهدى؟
وهل امتزج عند أولئك الحق بالباطل ؟
أم هل اتحد عندهم النور مع الظلمات؟

هكذا يحدث عندما تكون عقيدة التوحيد أهون ما عند المرء وهذه النتيجة حين يصير الإسلام مجرد اسم تقترف تحته أبشعُ وأشنع الجرائم في حق الدين ليذبح الإسلام بسيف الإسلام !

ليصبح الدين أُلعوبةً وطقوساً وثنية وأكاذيب ملفقة لا تَمُتُ لما ارتضاه الله تعالى وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بأدنى وشيجة ولا أوهن صلة.

هذه الجرائم في حق دين الله زيّنوها تحت لافتات براقةٍ ليَخدعوا بها السُّذج والحمقى بشعار الوحدة تارة والوطنية تارة أخرى والأخوة أُخريات ليُقنعوا الناس أنّ الخلاف مع قاذف عائشة رضي الله عنها سَطحي ! وأنّ التباين مع من دعا ب (يا حسين) تباين شَكلي ! وأنّ الأُخُوة والالتقاء معهم واجبٌ شَرعي والمتكلم بخلاف هذا مثير للفتنة صاحب فِكْرٍ قَمعي!

وفي النهاية : دينٌ مُظلمٌ وملةٌ مُشوهةٌ فلا أبقوا حقاً أبْلجْ ولا فاصلوا باطلاً لَجْلَجْ .

كحال البَغل ما وَرِث أصالة الحصان ولا بقي على شاكلة الأتان! (الأتان : أنثى الحمار).

ولتَمضينَّ الأيام لتُشرق شمس الحقيقة فتَنجلي ظُلمات ليلِ هذه الأُوهام عن وجهٍ قبيحٍ قد كَشّر عن أنيابه مُقَهقِهاً مستهزءاً بمن صدّق واعتقد تلك المَهازل الخَرْقاء ولكن حين لا ينفع الندم وحين تكونُ أسمى الأماني سلامة البدن .

و :

ستَعلمُ حين يَنقشعُ الغُبارُ
أَخيلٌ تحت سِرجِكَ أمْ حِمارُ

بقلم : سلطان الكلباني
26/10/2015

الخميس، 7 يوليو 2016

( اقطعوا الرأس تهوي الأجنحة )

( اقطعوا الرأس تهوي الأجنحة )

بقلم / سلطان سالم الكلباني
5/7/2016م
دولة الإمارات العربية المتحدة -حرسها الله-

ذكر ابن جرير الطبري  في تاريخه  أنه لما أحضر الهرمزان حاكم الأحواز أسيراً إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك بعد نقضه للعهد الذي بينه وبين المسلمين بتحريض من كسرى  يزدجرد الثالث وقف الهرمزان أمام الفاروق ودار بينهما حوارٌ طويل كان فيه أن عمر رضي الله عنه قد طلب من الهرمزان النصح في أمر فتح بلاد فارس ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ : نَعَمْ ، إِنَّ فَارِسَ الْيَوْمَ رَأْسٌ وَجَنَاحَانِ ، فسأله عمر فأين الرأس ؟ فأجابه:  نهاوند ، ثم سأله عن الجناحين فسمى له بلدان تتبع لفارس  .......ثم قال الهرمزان :  فَاقْطَعِ الْجَنَاحَيْنِ تُوهِنُ الرَّأْسَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ : كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، بَلْ أَعْمِدُ إِلَى الرَّأْسِ فَيَقْطَعُهُ اللَّهُ ، وَإِذَا قَطَعَهُ اللَّهُ انْفَضَّ عَنِّي الْجَنَاحَانِ ...... الخ

هذا جزء مختصر من القصة يتبين من  خلاله أنّ الهُرمزان بنصيحته تلك أراد خداع وتضليل الفاروق وذلك بأن يوجههُ لوجهةٍ تَصرفه عن مربط الفرس في إسقاط الإمبراطورية الفارسية ولكن هيهات هيهات أن ينطلي هذا الخداع على الفاروق وهو القائل: (( لستُ بالخِبِّ وليس الخِبُّ يَخدعُني )). ( الخِبُّ:  الماكر) .

والناظر اليوم يجد عبث إيران بالمنطقة العربية عبثاً شنيعاً مدمراً يستهدف العرب والسنة بشكل لا لَبس فيه وباتت ولاية الفقيه تعلنها عَياناً جَهاراً بأنّ حدودها لم تعد في ايران فحسب بل تتعداها لعواصم عربية وبأنّ سواحلها وصلت إلى البحر الأبيض المتوسط.!

والملاحظ لكل ما يجري في خضم بحر الدماء المتلاطم الذي تغذيه ولاية الفقيه أنّ نيران حروبها بكل ما تنطوي عليه من قتل ودمار وتهجير للبشر بل حتى للحجر إنما تستعر لظاها في مسرح خارج الإقليم الفارسي ، فنار كسرى الجديد تحرق أرض العراق والشام واليمن ولبنان ويصل شررها لدول الخليج ومصر وغيرها من بلاد العرب ومن يَقتل ويُقتل في سبيل ولاية كسرى هم عملاؤه من خونة الأوطان ومن المرتزقة الذين زجّت بهم إيران في أُتون هذه النار كما يفعلون باللاجئين الأفغان الذين جندتهم  للقتال في سورية .

إذاً نحن أمام عدوٍ مازال يوفر  طاقته البشرية وترسانة ضخمه من  أسلحة تطاولت عليها السنون يزود بها من يقاتلون نيابة عنه ومستعد أن يضع شعبه وأرضه تحت خط الفقر وعلى خط النار لتحقيق طموحه التوسعية وأحلامه برجوع الامبراطورية الساسانية التي أبادها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذا النوع من الحروب توفر الزخم القتالي للعدو  بسبب قيام الغير من الخونة والعملاء بالدور بدلاً عنه لينقض في النهاية وقد استنزف الطاقات البشرية والاقتصادية والعسكرية للضحية .

كل ذلك يحدث بسبب الوقوع في تلك الحيلة الماكرة والنصيحة الخبيثة من الهرمزان والتي فطن لمآربها عمر رضي الله عنه .
 فقد أراد الهرمزان أن يهدر عمر طاقات جيوش المسلمين في حروب أطرافٍ في أرض الرافدين وغيرها وقودها حينها  أيضاً أهل العراق من القبائل العربية ليقتل العربُ العربَ ويدمر العربُ أرض العرب التي كانت يومها أجنحة للإمبراطورية الفارسية.  لكنّ عمر علم أنه ما بقيَ الرأس قائما سالما فالجناحين سيبقيان قائمين سالمين ومتى قُطع الرأس سقط الجناحان ولا ريب ، لذلك وجه جيوش المسلمين الفاتحة نحو نهاوند حاضرة فارس والتي تحوي كنوز وأساورة  كسرى متبعا استراتيجته الصارمة المحنكة:
(اقطع الرأس يهوي الجناحان) وهذا ما حدث فعلاً حيث تتابع سقوط مدن الامبراطورية الفارسية بيد المسلمين  بعد قطع الرأس (نهاوند) واحدة تلو الأخرى فمتى حُلت عُقدة الخيط  فرط خرز العقد .

واليوم تقوم إيران بصرفنا لحروبِ أجنحةٍ مستقطبة الشيعة وعملاء آخرين لاشتياح العالم العربي مستغلةً الأوضاع المتردية في بعض الدول فالعراق اليوم أضحى تابع لإيران يتدثر بدثارها ويأتمر بأمرها ويُحكم من مجموعات إرهابية مسلحة تحت قيادات إيرانية وهذا واقع أشهر من أن يُذكر وأوضح من أن تُكتب فيه الكلمات وتُسَطَر.

وكذا الحال في سوريا ولبنان واليمن وأذنابها في الخليج العربي والمنبطحين للولي الفقيه في قطاع غزة المتحمسون بلا (حماس) والمتاجرون بالجهاد بلا جهاد! .
حروبُ الأجنحة هذه قائمة مُتَّقدة لأنّ الرأس قائمٌ في أوجِّ صَلَفهِ وغطرسته.

الحروب مستمرة لأنّ القلب ينبض ليغذي الأوردة ويحرك الدورة الدموية في الأطراف ويبث فيها الحركة والنشاط ولا سبيل ولا طريقة لشل هذه الأطراف إلا بنزع القلب وإيقاف دقاته .

إنّ المواجهة المباشرة مع إيران أضحت ضرورة حتمية وعاجلة جداً فقضاء الزمن والجهد في مناوشة أتباعها وشراذمها شرقاً وغرباً كمن يتبع الذيل ويترك الرأس .
وعليه فيجب نقل المعركة للداخل الإيراني وهذا يتطلب مواجهة مباشرة وهذه المواجهة لها مسلكين :
- الأول : الحرب المفتوحة وجها لوجه كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية والتي ثبت أنها كانت ضرورية  وحازمة مع عدوانية وعنجهية  النظام الإيراني.
-المسلك الثاني  (التفجير الذاتي) وذلك بتفجير الوضع الداخلي الإيراني وقلب الطاولة باستخدام ذات السلاح الذي تمارسه إيران في عالمنا العربي من زرع العملاء واستغلال التمايز المجتمعي والطائفي والعرقي الذي تزخر به إيران فإيران ليست موحدة وليست بنَفَسٍ واحدٍ فهي متخمةٌ بالتناقضات والصراعات والمظالم والأعراق والمذاهب والطوائف والتي يمكن استغلالها بفاعلية لنخر الجسد الايراني من الداخل ولعل أهم أضلع يجب التركيز عليها في هذا الشأن ثلاثة هي:  قضية بلوشستان وقضية الأكراد وقضية إقليم الأحواز العربي مع ما تتضمنه هذه القضايا من أبعاد عرقية ومذهبية مضطهدة من قبل نظام الملالي الفارسي أضف إلى ذلك قضية الأذريين والتي برزت قبل سنوات قليلة وكذا المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج كل هذه أسلحة يجب أن تُفعَّل وتأخذ طريقها في المواجهة فهذه بضاعتهم ويجب أن ترد إليهم .

فخطر إيران لم يعد يقتصر على اختطاف الشيعة العرب وتخدير عقول الغالبية الساحقة منهم بمخدرات الخرافة  فالأحداث والوقائع تتواتر وتتوارد عن علاقة ايران بالتنظيمات التكفيرية التفجيرية بداية من تنظيم الإخوان المسلمين مروراً بالقاعدة وأخيراً بداعش .  وفي رأيي أن وصف علاقة ايران بداعش على أنها اختراق من الأول للثاني وصف ساذج مناقض للحقيقة المرصودة فالعلاقة بين الاثنين علاقة أم مرضع بوليدها وأب روحي بمريده فإيران تأوي العديد من قيادات ومنظري هذه التنظيمات المتطرفة وتدعمها مادياً بل وتدربهم على أراضيها كما كشف أحد المعارضين الإيرانيين مؤخراً . وما الثرثرات الكلامية التي تزعق بها إعلامياً عن  محاربة داعش إلا مسرحيات باتت مكشوفة كعاهر تحاضر في العفة ! فكيف لدولة إرهابية أن تحارب الإرهابيين إلا من باب المنافسة أيهما أشد فتكاً وإرهاباً !؟

وما حدث في معركة الفلوجة الأخيرة وظهور قاسم سليماني يقود الحشد الشيعي النجس تحت لافتة محاربة داعش ثم رأى العالم كله أن القتل والتدمير والتهجير والذبح والسلب والنهب إنما طال أهل الفلوجة السنة ومساجدهم ودورهم وأموالهم فالواقع لا محالة يرفع البراقع ويكشف البواقع  .

لذلك إذا سمعتم إيران تصرح بأنها ستحارب الإرهاب وتقضي عليه في مكان ما فانتظروا القتل والتدمير لأهل السنة في ذلك المكان فما يُكتب على اللافتات أمر وما هو في عقولهم الباطنة وما يبيتون اقترافه أمر آخر سرعان ما يترجمونه واقعا إجراميا مشاهد .
وبمقابل ذلك ترى توسع التنظيمات الإرهابية وتمكنها فحال دعوى إيران قتال داعش كما قال الشاعر:


زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سيَقتُلُ مَرْبَعاً
           
          أبْشِرْ بطُولِ سَلامَة ٍ يا مَرْبَعُ.ُ

فالمحصلة أن إيران استطاعت أن تسخر من ينتسب إليها و(بعض) ممن ينتسب إلينا لخدمة أجندتها التوسعية وتنفيذ خططها الإجرامية في إقليمنا العربي بتواطؤ غربي أمريكي وشبه تحالف روسي_كما تجلى في سورية_  فلم يعد هذا خافياً كما لم يعد اللعب من تحت الطاولة بل من فوق فوق الطاولة إن وجدت طاولة ! .
فالحقيقة تنطق بأن الأمر لم يعد تواطؤاً بين ولاية الفقيه وأمريكا وغيرها من القوى العالمية المؤثرة بل تعاوناً أتى ثماره وأُكُله وهذا ليس تجني ولا ضرب من الأوهام والأحلام فقد صرح بذلك شخصيات لها وزنها في النظام الإيراني في أكثر من مناسبة ففي 15/1/2004 أي بعد نحو عام على الغزو الأمريكي للعراق صرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية في ختام مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في أبوظبي بأنه ( لولا التعاون الإيراني مع الولايات المتحدة لما سقطت بغداد... )  .
وبعيداً عن هذا التصريح والاعتراف وأمثاله فإنّ المُشاهد من الواقع والشاخص أمام العيان والعينان من نتائج الغزو الأمريكي للعراق لا يحتاج لعناء تفحص ولا تلسكوب مُكبر فالغزو الأمريكي أثمر هيمنة وتغلل  إيراني مطلق في بلاد الرافدين وتفتيت وتشتيت لم يسبق له مثيل وهذا عينه ما صرح به وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل رحمه الله في خطاب أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي بنيويورك بتاريخ 20/9/ 2005 بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية سلمت العراق لإيران.

نعود للاستراتيجية العُمَريّة :

وليس معنى اعتماد قانون ( اقطع الرأس يهوي الجناحان ) بأن نترك الأجنحة على الغارب بل هذا لا يمنع من المجابهة فيها فهي غير صافية للصفويين وإن كثر فيها العملاء  فالغيورون أيضا كُثُر وهم يتشوقون للدعم من إخوانهم وهم الأجدر بالدفاع عن أوطانهم سواء في العراق أو سوريا أو اليمن وغيرها من بلاد العرب التي نجسها الأوغاد .
إنّ إيران تعلم يقيناً أنه لا يمكن لشرذمة أن تكتسح أمة وأنه لا يمكن لبِركة أن تعكر بحراً ولكنها تعتمد في حربها علينا على ثلاث عوامل ترفد بها  أنشطتها التوسعية الإجرامية :

- تسخير الشيعة العرب وفصلهم عن أوطانهم ليكونوا طابوراً خامسا .
- التواطؤ الأمريكي الغربي الروسي.
- اجتيال جزء من الأمة وتجنيدهم لصالحها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وصمام الأمان بعد عون الله تعالى ثم الأخذ بالأسباب هو الالتفاف حول قياداتنا وسد أبواب حصوننا ومداخل أسوارنا أمام الدخلاء والخونة وأخطرهم أرباب الأفكار المسمومة والعقائد الضالة فهي تلعب دور الممهد في الداخل لكل عدو في الخارج فعدوٌ داخل الأسوار يفعل ما لا يرومهُ ألفٌ خارجها فحفظ الأمن الداخلي ورص الصفوف خط الدفاع والهجوم الرئيسي في أي معركة ،  ومفتاح أي احتلال هو خلخلة الأمن  وزرع بذور التشرذم والتفكك الاجتماعي للدولة المستهدفة لإحداث التصدعات والشروخ ليسهل بعدها على العدو الولوج من خلالها تحت شعارات ومسميات براقة خداعة .
وأخيرا ً : لستُ خبيراً عسكرياً ولا منظراً استراتيجياً فهذا له مختصوه ورجاله ولكن من يجيبني :  كيف ستجف روافد نهر  والمنبع يفيض! ؟ وكيف ستنطفئ نار ومسعرها يوريها ؟ وكيف سينكفؤ قوم ينص دستورهم على شرعنة غزو واحتلال الغير تحت مبدأ ( تصدير الثورة ) ؟!

فالمعادلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار :  اقطعوا الرأس تهوي الأجنحة.