الثلاثاء، 4 ديسمبر 2018

بِمَ يشمئزونَ وبِمَ يستبشرونَ !؟

♦قال الله تعالى  : {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}  [الزمر (45)].


✅ يشمئز المشرك إذا ذُكر توحيد الله تعالى ويفرح ويستبشر بمن أشركهم مع الله من أوثان وأصنام وقبور.... .


✅ ويشمئز المبتدع إذا ذُكرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستبشر بالبدع والمُحدثات ودُعاتها.


✅ ويشمئز الرافضي إذا ذكرت سيرة الصحابة عليهم رضوان الله ويستبشر بأئمته الذين أضلوه عن سواء السبيل.


✅ ويشمئز الخارجي التكفيري الحزبي إذا ذُكرت آيات وأحاديث طاعة ولي الأمر ويستبشر إذا ذكرت شبهات الخوارج ودعاتهم.


✅ ويشمئز الفاسق إذا ذكرت الطاعة وأنكرت معصيته ويستبشر إذا ذكرت ورأى المنكرات والمعاصي .


✅ ويشمئز العلماني إذا ذكر شرع الله ويستبشر إذا ذكر شرع الشرق والغرب و بالطعن في دين الله .


✅ ويشمئز الليبرالي إذا ذكرت حدود الله ويستبشر بدعاة الحرية والانحلال.


♦هذه الحالة النفسية البغيضة الشنيعة (الإشمئزاز من الهدى والاستبشار بالضلال والهوى) تجتاح كل من عارض وخالف الله تعالى وما أنزل في وحيه في قرآنه الكريم وسنة رسوله عليه الصلاة والتسليم فترى تمعر وجهه وتصعير خده وثني عِطفه استكباراً وجحوداً ...وما أكثر المصابين بها في زماننا ...فاللهم إجعلنا من المستبشرين بتوحيدك وهداك  المشمئزين من مخالفتك ومن عاداك.


.................

🖋/ سلطان سالم الكلباني

الأحد، 12 أغسطس 2018

أُهجُر أرض الظلام !


مِنَ المثير حقاً ومما يدعو للإعجاب أنْ يُخلقَ من ضَنَكِ المعاناةِ وقسوةِ المواقف وظُلم البعض للبعضِ قصة نجاحٍ وعلامة فارقة للتميز !

أتدرونَ كيف ومتى يكونُ ذلك !؟
عندما تُلاقي تلك المواقف المُعتمة المُظلمة نفوساً شامخةً صابرةً مثابرةً غير قابلة للكسرِ ! ولا المَيل مع ريحِ التّعسُف المتكبرة !

عندما تتحولُ تلك النفوس من أرض ذلك الظَّلام الذي لم يَعرف قَدْرها إلى أرضِ نورٍ أملٍ مُتحقق .

فقط اتخذ القرار وكُفَّ عن ظُلمِ نَفسكَ ..! غَــيِّر مُحيطكَ واهجُر أرض الظلام إلى حيث موطنك الحقيقي الذي يليق بكَ فالنُّورُ موطنهُ أرض النُّور .





سلطان سالم الكلباني
12/8/2018م

الجمعة، 20 يوليو 2018

🔸إيران... تصدير الأزمة...الاحتمال القادم



في عجالة أسطر ومن نافذة الأزمة العراقية الجديدة والمظاهرات المتسعة هناك ...إيران وتعاملها إلى أين؟


إيران في أزمة خارجية كبيرة بسبب خروج أمريكا من الإتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية الواسعة التي فرضتها عليها وانعكاس ذلك على الداخل الإيراني الإقتصادي والسياسي ..

إيران غير مرحب بوجودها في سوريا وهناك تحركات لإخراجها من هناك _ أو على الأقل تحجيمها _ بعد وضوح إقصائها في كثير من الترتيبات الأخيرة في سوريا والتي نشأت بين روسيا وأمريكا وإسرائيل وغيرهم....

إيران تعيش مراحل قرب الهزيمة النهائية في اليمن ...

فوق تلك الأزمات الخارجية التي تكبل إيران فإنها تعيش أزمة داخلية جدية خطيرة تتطور كل يوم ... أزمة اقتصادية تقترب من الإنهيار الشامل.. أزمة أقليات عرقية ومذهبية عانت من الظلم لعقود ... أزمة دينية شيعية في ولاية الفقيه بين المرجعيات ....أزمة التناقضات والتضاد بين أقطاب الحكم ... أزمة معارضة التدخلات الخارجية وتبديد أموال الشعب الإيراني بدعم المليشيات الطائفية في المنطقة .

فإذا خرجت إيران من العراق بعد كل ما سبق فإن خرز العقد الإيراني يكون قد فرط..  وستكون إيران في حكم من يقف أمام حبل المشنقة بانتظار تنفيذ حكم الإعدام !

لذلك فإنه من المرجح جداً أن تلجأ إيران لسياسة تصدير الأزمات والهروب إلى الأمام التي طالما مارستها كما هو حال كل الأنظمة الراديكالية المتطرفة ... ويبدو أن هذه المرة لن يكون شكل تصدير الأزمة نمطياً اعتيادياً بل هو أقرب للانتحار وتفجير المنطقة بعد وضوح المصير وحتمية النهاية  للنظام الإيراني .


فلو أخرجت إيران من سوريا والعراق وهزمت في اليمن فإن سقوط النظام سيكون تلقائيا من الداخل الإيراني الملتهب أصلا . فالشعب هناك لن يرضى بنظام أنهكه معيشيا وتعسفا باسم ولاية الفقيه والقدس وآل البيت ثم يراه مقبلاً من غزواته الخارجية يجر ذيول الهزيمة والذِّلة.


فالحل : إشعال حرب إقليمية طاحنة لتصنيع  أوراق جديدة للتفاوض عليها لترتيبات جديدة في المنطقة يستعيد فيها النظام إنتاج نفسه .

هذا الحل وإن كان غير عاقل في نظر العقلاء المتبصرين إلا أنه معتاد في تاريخ أنماط النظام الإيراني المتخم بالجنون والمغامرات الدموية في خارج الحدود والإستماتة الشرسة في البقاء والتوسع .

فهل ستلجأ إيران لهذا الخيار المدمر أم أنها أضعف من أن تفعلها؟

وإن كانت أضعف من أن تفعلها فهل تُغَلِّب قول القائل : (أنا ومن بعدي الطوفان) !؟

مجرد رأي .


بقلم / سلطان الكلباني
 20/7/2018

السبت، 2 يونيو 2018

الملامح الجديدة لدعاة العلمانية في الخليج العربي


ليس في هذا المقال دراسة عن العلمانية فهذا موضوع قديم جداً قد قُتل بحثا. لكن هذا القديم متجدد لاستمرار وجود المذهب والفكر العلماني ، وما يعنينا من هذا الوجود وجوده على أرض العرب والمسلمين وتحديداً وجود الفكر العلماني في الخليج العربي . وهو وجود ليس حديث النشأة كما يعلم الجميع ، لكنه اليوم قد أبرز قرونه وتطاول في البنيان ووجد مساحة رحبة علا فيها صوته وليس هذا الصوت كالمعتاد بل هو صوت عنجهي متمرد صلف متشدق مُمتطياً (بروباغندا) تعسفية متغطرسة تتجلى فيها أنصع ممارسة للإرهاب الفكري .

الناهقون باسم العلمانية في أوطاننا اليوم هل ظهروا فجأة وعلت أصواتهم بغتة ؟ أم أنهم وجدوا المساحة التي فقدوها طويلاً فأخرجوا ما كانوا يكتمون ؟ حنق وحقد غريب على المجتمع وتسفيه لثقافته وازدراء لعقيدته وتمسكه بثوابت دينه والنظر والتحدث عنه من فوق منابر عاجية.

خفافيش أعماها النهار بضوئه
                و وافقها قطع من الليل مظلمِ

لقد ظهرت ملامح جديدة للعلمانية في الخليج وعندما أقول ملامح  فالإشارة هنا إلى أن جوهر الدعوة والفكر العلماني باق كما هو : فصل الدين عن الدولة وواقع الحياة وهو مبدأ العلمانية الأعظم وجذرها الحي وبدونه لا معنى للعلمانية ولا وجود وما خلا هذا المبدأ كلها أدوات ووسائل وتفرعات لتطبيقه وآليات لتنفيذه على العباد والبلاد  . ملامح لا تعني إلا تغييراً في استراتيجية دعاة العلمانية الجدد في الخليج العربي .
وعندما نستدعي بعض الأمثلة من التجارب العلمانية في المنطقة العربية ونحن نتحدث عن منطقة الخليج العربي فنحن لا نقحم غريبا فالقميص العلماني يتلون وفق أوضاع وظروف كل منطقة أو دولة ويبقى المرتدي والجوهر نفسه هو (الفكر العلماني) والبطن والمرضع واحدة هو الغرب الثائر على حكم كنيسته بمبدئه  المذكور .
وفي هذا السياق نذكر تونس كمثال لحكم العلمانيين والمسلك الذي اتبعوه في تطبيق العلمانية على الشعب التونسي ونستحضر الحادثة المشهورة والتي وقعت في ١٩٥٧/٣/٨ م حيث أقدم الرئيس التونسي حينها الحبيب بورقيبة أمام حشد كبير على خلع حجاب امرأة  تونسية ! . تونس تخلصت من الاحتلال الفرنسي في ١٩٥٦/٣/٢٠م  أي بعد عام واحد فقط على الاستقلال كشر العلمانيون عن أنيابهم وشرعوا في سلخ المجتمع عن عقيدته وما لم تفعله فرنسا فعله أذنابها.
‏ومن ينظر لصور الشوارع في بعض الدول العربية المحتلة سابقاً يرى بوضوح مظاهر الحجاب الإسلامي سائدة وهي تحت الاحتلال والدم والنار ! ثم يرى نفس تلك الشوارع بعد انسحابهم كيف تحولت نتيحة فعل العلمانيين العرب ! ؛ مسخ ممنهج للمجتمعات وتغريب لم تجرأ عليه القوى المحتلة رغم مكوثها عقوداً طوالا !

‏لقد فهم الاحتلال أن دخولهم في صراع ديني ثقافي ضد أبناء البلد رهان خاسر فعمدوا إلى حيلة لطالما نجحت عبر تاريخ الخيانات فدحرجوا بين هذه الشعوب (أحصنة طروادة) بعد أن أرضعوهم ثقافاتهم  وفكرهم العلماني حتى تسلق كثير من هؤلاء (الطراودة) بعض ثورات الاستقلال العربية وأبرزوهم في صورة أبطال مقدسين فمارسوا طقوسهم بأريحية متناهية .

‏ومازالت أحصنة طروادة هذه تتوالد وتتجول في ربوع العالم العربي رغم المآسي الكبرى والتجارب المريرة التي حولوا فيها بعض الدول العربية لمختبرات ضخمة لإنتاج المسوخ الفكرية والانتكاسات المخزية في جميع المجالات والغريب أنه بعد كل تاريخهم الحالك ذاك يقدمون خرابهم في قوالب انجازات معجزات بدناءة منقطعة النظير .

 إنّ طابور العلمانية يتحرك بشكل ممنهج نحو علمنة المجتمعات مستخدمين شتى الوسائل وفي كل المجالات .اليوم تعددت وسائلهم والبداية بإحداث (صدمة متعمدة كفعل بورقيبة هذا) في المجتمع بالضرب على مسائل تمس العقيدة مباشرة والقيم الأخلاقية  لتعويد المسامع وخرق الحاجز النفسي وقياس ردود الأفعال لرسم تصور وخطوات المراحل المقبلة لنشاطاتهم.

اليوم اضطرالعلمانيون في الخليج  اضطراراً لممارسة نوع من التقية بتقمص ثوب ممسوح بصبغة دينية لتقبل أفكارهم العلمانية الغربية في الوسط العربي الخليجي المسلم .
أي أنهم اتخذوا اسم الإسلام طُعما لصيد المجتمعات و وسيلة لتحقيق غاية تماماً كما فعل ويفعل حزب الإخوان المسلمين. وعندما نقول الإسلام فإنه ليس الإسلام المعهود المعلوم لكل مسلم بل هو إسلام منتقى ومُصنَع خصيصاً للترويج الدعائي للعلمانية ! . ولأجل هذا نبشوا في عقائد وتاريخ عدد من الطوائف الزائغة عن حقيقة الإسلام وتقديم بعض أفكارها وعقائدها على أنها هي الإسلام الذي يجب أن يتبع مع إدخال التعديلات المتوافقة ولو مرحلياً مع أجنداتهم الفكرية والتطبيقية  .
وعند تدقيق النظر وتفحص أدبيات الخطاب العلماني الجديد تجد أنه عندما يتكلم باسم الدين فإنه ينطق بثلاثة ألسن (وهنا أعني خطابهم في المحيط السني) :

١_ مذهب المعتزلة العقلي وقاعدته  التحسين والتقبيح العقليين والتي وجد فيها العلمانيين ضالتهم في رد كثير من أحكام الإسلام والتكذيب في صحة بعضها وصرف أخرى بتأويلات فاسدة لا تقوم على أسس شرعية بل أهواء مزاجية عقلية.

٢_ الصوفية بخرافاتها وتحريفاتها وطقوسها البدعية واهتمامها بتقديس ما تحت الأرض من الأموات وانشغالهم فوق الأرض بالطعن في أهل السنة والكيد لهم فالصوفية خنجر بيد العلمانيين له نصلان نصل يطعن في عقيدة الناس بالخرافات والبدع  وهذا مطلب علماني مهم ونصل آخر يطعن أهل السنة وعلماءهم وأئمتهم قديماً وحديثاً والذين يعتبرهم دعاة العلمانية خصماً (كهنوتياً) يجب أن يعدم من ذاكرة وواقع الأمة .

٣_ طائفة القرآنيين الذين ينكرون السنة النبوية وحجيتها فيسقطون بهذا الإسلام لأنه لا يمكن أن يفهم ويقوم الإسلام إلا بأصليه العظيمين الكتاب والسنة فهما جناحا الإسلام ووحيه من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

هذه الحيلة أعني تقمص الدين والتمسح به وإن كان دين ممسوخ مشوه قد أخذها العلمانيون من أسيادهم ومرضعيهم علمانيو الغرب حيث ظهر ما عرف في أروبا بـ(العلمانية المسيحية) وهي حركة ظهرت كردة فعل تالية لسقوط الكنيسة وما أعقبه من شيوع ما عرف بـ(نقد الكتاب المقدس) في حقبة عصر التنوير في القرن الثامن عشر والذي يقدسه العلمانيون غاية التقديس.

وهذا دليل على أن دعاة العلمانية في العالم الإسلامي يستنسخون تجارب معلميهم الغربيين  شبراً بشبر وذراعاً بذراع مع إدخال ما تدعو له الضرورة والظرف الآني لإنتاج نسخ معدلة تناسب _في ظنهم_ وضعهم بين الشعوب العربية والإسلامية .

وبمناسبة التطرق لفكرة نقد الكتاب المقدس فإن ظهور هذا النشاط في الغرب مرتبط تمام الارتباط بظهور الفكر العلماني وعصر التنوير كما قلنا آنفاً حيث برزت طائفة من المفكرين الغربيين الذين تناولوا الكتاب المقدس عندهم بمختلف أشكال الدراسة وتحليل النصوص ونقدها والتي كان غالبيتها الساحقة تهدف لإظهار التناقضات والأغاليط في كتابهم المقدس استكمالا منهم في الحط من هيبة ومكانة الدين بين شعوبهم .
وهذا ما يطبقه دعاة العلمانية العرب هذه الأيام ومثال ذلك تقديم مهندس  على أنه مفكر جاء بتفسير جديد للقرآن الكريم  يتوافق مع حرية الفكر بعيدا عن جمود وتحجر تفسيرات ما اصطلحوا عليه بـ( كتب الموروث) ‏وهو مصطلح يستخدمه العلمانيون للتعبير عن رفضهم الرجوع واعتماد كتب السابقين في الشريعة وتفسير القرآن وكتب الحديث والفقه و حتى التاريخ الإسلامي فالمهم عندهم أن يفكوا ارتباط المجتمع بهذا الموروث  الذي هو جزء من أمة لها تاريخها وانتماءها الذي يميزها كسائر الأمم التي تفتخر بموروثاتها إلا علمانيو العرب الذين يعتبرون ذلك التاريخ والموروث وتلك الحضارة وصمة عارٍ يجب أن تمحى !

ولو سألت العلماني :حدد لنا من أين يبدأ عندك هذا الموروث من أي حقبة أو تاريخ ؟ أي : من أي تاريخ يمكننا التوقف عن الاستقاء من الموروث ونصبح وارثين بلا إرث !؟
فلن يعطيك جواباً واضحاً لأن أس الفكرة يتصل عنده  بتحقيق هدفه في اجتثاث الأمة من جذورها العقدية والفكرية. لذلك ترى العلماني لا مانع لديه من الترويج لبعض( الموروث المختار) لأنه يخدم هدفه ككتب الحلاج وبن عربي الحلوليان !.

‏وبمقابل هذا الموروث المرفوض من العلماني تجد كل فكره قائم على موروث آخر مستورد ! فتراه لا يقبل روايات موروث الإسلام كالبخاري ومسلم ! لكنه لا ينفك يشيد بموروث فكر التنوير الغربي أمثال جون لوك و باروخ.. ودعاة الفكر الحر أمثال بيرتراند راسل وكريستوفر هيتشنز .. فهذا موروث مقدس عندهم !

فمما ُيجيده العلمانيون اختراع مصطلحات خاصة وتوظيفها لمهاجمة العقيدة الإسلامية والقيم الجوهرية للمجتمع لقلب فكره بتشويه  ذلك الموروث وفي نفس الوقت إحلال أبجديات الفكر الليبرالي العلماني المستورد المعلب والذي يرتكز على ركيزتين أساسيتين تحت شعار (الحرية) وفق مفهومهم العلماني الخاص في سلسلتهم التي درجوا عليها في التلاعب بالمصطلحات والألفاظ وهاتين الركزتين هما : الإباحية العقائدية التي يستبيحون تحتها ضرب العقيدة والثوابت وتشريع البدع وتحريف الإسلام باسم الإسلام ، والثانية الإباحية الأخلاقية والتي يستبيحون تحتها القيم والأخلاق والفضيلة حتى يصلوا إلى الانسلاخ الحضاري التام لصالح المستورد وتقديمه بديلا أمثل يجب أن يسود الشعوب والمجتمعات العربية المسلمة في عملية تزوير كبرى للدين والتاريخ والجذور .

وقد فطنوا أن الركيزة الثانية لن تتحقق إلا بنجاح الأولى فإذا أردت إسقاط الفضيلة فأسقط قبلها العقيدة .

 ومن تمعن في كلام ذلك المهندس (مفسر القرآن الجديد) ودقق في تأويلاته في القرآن  يستبين له بجلاء لا ريب فيه أن حقيقة ما يتفوه ويتخرص به هو نقد صريح للقرآن الكريم ونسخة مؤسلمة من فكرة (نقد الكتاب المقدس) عند دهاقنة العلمانية الغربيين ! في تواصل معهود وسَبر مرصود لما أشرت إليه مسبقاً من استنساخ الأفكار العلمانية الغربية بحذافيرها وصبها في قوالب شرقية مأسلمة لتسهيل ترويجها وتقبلها بين الشعوب المسلمة .. ولقد سمعنا قول : أن القرآن مؤلف !! وهي قرينة قوية لاستنساخهم فكرة (نقد الكتاب المقدس) .

أضف إلى هذا فإن من دعوة ذلك المهندس أيضاً إسقاط السنة النبوية بالقول بعدم حجيتها وهذا أشد من النقد ولاشك أن إسقاط السنة ما هو في الحقيقة إلا إسقاطاً لقائلها ويسقط تبعا لذلك رواتها وأولهم الصحابة – رضوان الله عليهم - والطعن في عدالتهم وتكذيبهم تحت دعوى أنها  مجرد روايات تاريخية أي أنَ حالها حال شعر عنترة بن شداد في العصر الجاهلي أو قيس بن الملوح في العصر الأموي ! . وكل مسلم على وجه الأرض معلوم عنده بالضرورة أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم مصدر من مصادر الوحي لا يقوم دين المسلم إلا بالإيمان والأخذ بها.

كذلك (العلمانية المسيحية) تذكرنا بتحالفات الأحزاب العلمانية مع الحزبيين (الإسلاميين) أو من يعرفون بأحزاب (الإسلام السياسي) وقد ظهرت مثل التحالفات في أكثر من دولة وأكثر من مناسبة . ولا غروَ أن نضرب مثالاً على هذا في تحالف حزب الوفد المصري العلماني مع جماعة الإخوان المسلمين أكثر من مرة لن يكون آخرها ما حدث عقب الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير من عام 2011م حيث انضوى حزب الإخوان (الإسلامي)  وحــزب الــــوفد ( العلماني) لتكوين "التحالف الديمقراطي الوطني". فالاتساق السياسي في المبادئ الحزبية العامة قائم واقعاً وتوحد الشعارات بينهما أشهر من أن يُذكر كالحرية والديمقراطية وحق المشاركة السياسية...الخ وكلاهما كانا مادة رئيسية ركبت موجات ثورات الربيع العبري وكلا الفريقين يجيدا التسلق على أكتاف الشعوب وركوب صهوات الفتن الثورية وهذا أمر مؤرخ مسجل لا يجهله عارف بأسطح تاريخ هذه الأحزاب. ولنا في علمانية أردوغان الإخوان وأتاتوركيته الواضحة وتصريحاته الطاعنة في الشريعة الإسلامية وعدم صلاحيتها لهذا العصر لأنها كتبت في عصور ماضية كما قال لنا فيه مثال ناصع على تقبل كل منهما للآخر والتوافق الفكري والسلوكي إلى أبعد الحدود.

هذا التوحد في المبادئ والجواهر الحزبية كان من الطبيعي أن ينتج مثل تلك التحالفات وحالات الاندماج بين التيارين العلماني الليبرالي والإسلامي الحركي بل  وظهور طبقات حزبية جديدة نتيجة هذا التزاوج المستغرب ظاهرياً والمنطقي عند التوغل في بواطن هذه الأحزاب وهي  ذات أنماط الحزبيات الغربية مهد الفكر العلماني العالمي فكما ظهرت العلمانية المسيحية في الغرب ظهر في العالم العربي ما يسمى بـ(العلمانية الإسلامية ) ! والحديث يطول .

لقد صعد الفكر العلماني في العالم العربي مع الثورات العربية في القرن العشرين حيث تبنت الأحزاب الشيوعية والبعثية والاشتراكية وأحزاب اليسار القومية والتي اعتلت سدة الحكم في كثير من الدول العربية تبنت العلمانية بفصلها الدين عن الدولة وسعت لتغريب ثقافة المجتمعات العربية بدءاً من الزي واللباس وحتى العقيدة وما في الراس ! . ثم دخلت في صدامات دامية مع بعضها البعض ومع المتحزبين المتأسلمين وما صاحب ذلك من اغتيالات وانقلابات فمجرد الحكم والتحكم كان هو الدافع للجميع.

وفي سياق متسق كما تحرك العلمانيون في منطقة الخليج العربي تحت غطاء ديني مصنع وفق مقاسات رغباتهم الحزبية (المرحلية) على صعيد الشعوب . كذلك شَرَعوا  يدندنون على صعيد أنظمة الحكم بمصطلح (الملكية الدستورية) وبثه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، وهم لا يعنون به مجرد المطالبة بالمشاركة البرلمانية وإعطاء صلاحيات معتبرة لتلك البرلمانات أو مجالس الشورى أو ما شاكلها فهذه شِنْشِنة أصبحت مستهلكة فضلاً عن الأحلام القديمة بزوال المَلَكيات برمتها فهي دعوات من زمن أجيال العلمانيين القدماء قد عفى عليها الزمان ، فقد أيقنوا بأن دعواتهم للعلمانية ومن خلفها رديفتها الدعوة  للديمقراطية لن تنجح دون مراعاة لطبيعة أنظمة الحكم الوراثية وسيادة القيم والمبادئ الدينية على شعوب المنطقة  الخليجية. فتوقفوا مع أنفسهم وقفة واقعية ففكروا ونظروا فخلصوا إلى المشار إليه: دين ممسوخ للشعوب وملكية دستورية للأنظمة تحت قاعدتهم الأساس فصل الدين عن الدولة وواقع الحياة. ومن الطبيعي أن كل هذا لن يولد فجأة مع بزوغ شمس فجرهم الذي يأملون ويتألمون لتأخره ! بل على مراحل متدرجة مستخدمين كما أشرنا سابقاً سياسة الصدمة في كل قطاع يهيمنون عليه وخاصة قطاعي الإعلام والتعليم وقد امتطوا حديثاً صهوة وسائل التواصل الاجتماعي شأنهم في ذلك شأن بقية جيوش الغزو الفكري المبرقع المرقع .

واليوم يطل علينا  زوار السفارات وكاتبي العرائض ودعاة ما يسمى بـ(المجتمع المدني) ومن كانوا مع كوادر الإخوان كتفاً بكتفٍ ردحاً من الزمن في القاعات الأكاديمية والمنابر الإعلامية يطلون في ثوب العابد الناسك الداعي بالصلاح للعباد وإصلاح البلاد بل وتصحيح الدين والتاريخ الذي خدعت الأمة كلها به على مر ١٤٠٠ عام !! فظهرت أركان الإسلام تلفيق عباسي ونصوص طاعة ولاة أمره اختراع أموي وتفسير قرآنها تزوير جامد من الموروث البائد مباح الحمى للمهندس والنجار والسمكري والميكانيكي والطباخ ( فهم يحترمون كل تخصص إلا علوم القرآن والسنة فهذه مشاعة لكل ساقط ولاقط ولمن هب ودب)...الخ  وسنة رسولهم صلى الله عليه وسلم مرويات تاريخية لا حجية لها وعلماء شريعتها ظلاميون ومن يتبعهم فإنهم مُخيرون إما أن يذهبوا مع داعش ! وإما أن يتوبوا ويلتحقوا بركبهم الميمون ركب (ملاذ العقلاء) العلمانية السمحاء !.

فتفسير القرآن وكتب السابقين وفقه الأئمة الأربعة وعلماء الإسلام والسنة النبوية ....الخ كل ذلك كان كذبة كبرى تعاطتها الأمة على حين سكرة منها وقد ولت السكرة وحلت الصحوة والفكرة! وجاء اليوم الموعود بظهور المخلص المنشود منظري ودعاة العلمانية المُخْلصين لكشف الغُمة عن عموم الأمة وتطهير الدين وتصفيته وتصنيع  دين جديد يجب أن تعتنقه الشعوب المسلمة والحمد لله الذي لطف وعفى الله عما سلف.!

ومن غرائب ما شاهدته من أقاويل المطبلين للعلمانية تهجمهم على عموم المجتمع وتسفيه رأيه ورمي الناس بالجهل وعدم الثقافة ! لماذا !؟  لرفضهم ومَجِّهم لتجاوزات أحد منظريهم ! بل أحدهم يقر بخشيته من أن خطوة استقبال هذا المنظر سابقة لأوانها !! ولماذا أيضا ؟ لما شاهده من وعي الناس ورفضهم جملة وتفصيلاً تعديات منظرهم ذاك على العقيدة الإسلامية والثوابت ودستور البلاد وقوانينها والتي يعتبرها طابورالعلمانية  قلة ثقافة من المجتمع وجهل ورجعية ! فالمطلوب من المجتمع أن  يتقبل هدم عقيدته ومسخ دينه فهو بذلك وفق المعيار العلماني مجتمع مثقف واعي راقي علماني قد لجأ إلى حياض ملاذ العقلاء ... ولا حيلة ولا حجة للعلمانيين إلا ما يلوكونه من شعاراتهم المنمقة ولافتتاهم المبهرجة والتي ينطقونها (بالعقل الجمعي) العلماني :     ( الحرية ، الفكر، تقبل الرأي الآخر ....الخ) وكأن هذه الشعارات فصلت على مقاساتهم فقط فلا تتسع لغيرهم  ولا ترفع إلا حين تضرب العقيدة والثوابت الإسلامية ! في توظيف مكشوف ساذج لهذه الشعارات لتحقيق أهدافهم المنحرفة الهدامة .

إن الفكر العلماني مطاط يسهل تقمصه من كل أحد وإن كان عدو خائن وهذا خلل قاتل يفتك بالوحدة والتوافق الداخلي وسرعان ما يفرط عقد الأمن والأمان . فما دخل الفكر العلماني بلداً متوحداً إلا دمره  وأشاع بين أهله  القلاقل والريبة ودب بينهم التشرذم والشقاق وولج بينهم كل متربص حاقد يضمر المكيدة والإضرار لمصادمة العلمانية لصريح الإسلام وشموله مصالح الدنيا والدين والآخرة ومرونته في معالجة ما يستجد وفق قواعد وأصول يدركها العلماء المتخصصون .

إنّ تغير قوالب العلمانية لا يغير من حقيقتها الحزبية وأفكارها المستوردة ففك شفرتها في حوزة بلدان منشأها ! فالعلمانيون شأنهم شأن كل حزبي معلب الفكر ورقة داخل بلاده يلج بها الغريب للبلاد وحجر شطرنج تحركه القوى الإقليمية والدولية في سوق نخاسة مجموعات الضغط وهذا يعيه من لا يعي . وتغير بعض الملامح لا يعني تغير في الجوهر والمضمون فلا يعدو الأمر سوى تغيير استراتيجية تتوافق مع الظروف والأحوال القائمة . ومن خرق دستور البلاد وخالف قوانينها بالتعدي على دينها ومصادر شريعتها سيتمادى غداً ويستطيل فمن أمن العقوبة أساء الأدب .

لن يُحارب الإرهاب بإرهاب آخر ، ولن يرد على دين محرف بدين محرف آخر ، وإذا كان أساس الإرهاب في عالمنا العربي والإسلامي قائم على تفسيرات فاسدة وتأويلات باطلة وتحريف للقرآن والسنة انتهجته جماعات الخوارج التكفيرية فلن يكون علاج ذلك بتحريف وتشويه وتفسير فاسد آخر فالعلاج العاصم من كل إرهاب وفكر منحرف ليس غائباً وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرتحل من الدنيا إلا وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة وأكمل الدين كما قال تعالى : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) المائدة/3 وقال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه : ((تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ )). (صحيح الجامع 2937) . ومن يقول خلاف هذا ويحرف دين رسول الله ويجحد سنته فقد اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة عياذاً بالله.

  قال إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله : (من ابتدع في الإسلام بدعَة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا - صلى الله عليه و سلم - خان الرسالة ؛ لأن الله يقول: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة-3] الآية. فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا" ا.هـ (الاعتصام للشاطبي ص ١٨.)

هذا من ابتدع بدعة واحدة فكيف بمن بدل وحرف الدين وأنكر سنة سيد المرسلين وتقَوَّل في كتاب الله بقبيح الأقاويل !؟

إنَ زبدة كل هذه الثرثرة من دعاة العلمانية دين من الخيالات والأطياف فلا أركان ولا مصادر موثوقة له ! فالسنة مرويات تاريخية والقرآن مباح التفسير للجميع ، والعبادات معاني فلسفية لا عقيدة وراءها ... بالمختصر إن ما يدعو إليه العلمانيون دين ممسوخ غير الدين الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وآمن به الصحابة رضوان الله عليهم .

ولا أجد تفسيراً لما يعتقدونه  ويروجون له بين مجتمعاتنا العربية المسلمة أدق من كلمة سابقة (متلفزة) قالها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة حفظه الله ومد في عمره في معرض حديثٍ له عن الثقافة والقراءة حيث قال :
( إنَ البطون إذا جاعت أكلت الجيف ، كذلك العقول إذا جاعت أكلت عفونة الأفكار ...).

لقد ذهب أناس عرب مسلمون إلى الغرب فدرسوا العلوم النافعة كالهندسة والطب والفيزياء ....الخ فعادوا لبناء الأوطان ورفعتها معتزين بدينهم وقومهم وثوابتهم وأوطانهم ، وذهب آخرون إلى الغرب فتجرعوا عفونة الأفكار وزبالات المناهج اجتروها زماناً ثم تقيؤوها بين مجتمعاتهم فكانوا معاول هدم وفتن أضرت بالشعوب والدول .

إن دخول العلمانية  لبلد يعني  استيراد عقيدة وزرعها في شعب له عقيدة وحضارة وتاريخ يضرب بجذوره في عمق أجيال متلاحقة وفوق كل هذا هو جزء لا ينفك من بحر أمة عظيمة ومحيط  شاسع ينتمي إليه .
 العلمانية كنبتة الخشخاش والتبغ  فلا تزرع بين بستان الثمار الطيبة والأزهار الزكية وإلا أفسده وأحاله إلى بلاقع يتاجر فيه سماسرة الشر والفساد .
فإما أن تكون العلمانية هي الإسلام وإما أن تكون غيره فإن كانت هي الإسلام فيكفينا الإسلام وإن كانت غيره فلا حاجة لشعب مسلم موحد متوحد إليها.  
فإذا سيق شعب مسلم إلى العلمانية فقد سيق إلى الإعدام.

هذا الختام
والسلام ،،،


كتبه / سلطان سالم الكلباني
دولة الإمارات العربية المتحدة
حرسها الله تعالى
17/ رمضان/1439  الموافق  2/6/2018م

الأربعاء، 9 مايو 2018

الإمارات .... هنا يصنع المجد

ومازال الأعداء والخونة في ثوب أشقاء ! مازالوا يتربصون ويكيلون الإساءات الدنيئة ويروجون الأكاذيب والإشاعات الوضيعة عن دولة الإمارات العربية المتحدة دولة المجد دولة العز والشموخ دولة الأفعال قبل الأقوال دولة الريادة والتميز... فهل من غرابة أن تنشوها سهام الحاقدين وبذاءات الحاسدين!؟ إذا كان التاريخ ماضي ونسمع من يتغنى بتاريخه ويزمجر بماضيه الذاهب ولو التفت إلى واقعه الحاضر لرأى من نافذة واقعه هذا أنه لا يستحق تاريخه ذاك ... واقعنا اليوم ومستقبلنا سيصبح في مرحلة قادمة تاريخاً عتيداً وماضياً مضيئاً فالزمن يمضي ليصنع على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة الكريمة تاريخاً مجيداً ستتغنى به الأجيال القادمة بكل فخر وعزة وهي تواصل مسيرة أجدادها فالتاريخ المجيد الناجح يصنعه أهله ولا  يصنع التاريخ من ذاته مجداً لأمة أو شعب إن كان عملهم وضيع هزيل ! .

وهكذا اليوم هنا على أرض الإمارات أرض أنجبت زايد الخير هنا يصنع الشعب يصنع أبناء زايد والقيادة يداً بيد حاضراً ومستقبلاً  ؛ هنا يصنع التاريخ الذي لم نعدمه يوماً ... أما الأعداء والحاسدون أما الخونة والحاقدون السفهاء الحالمون المارقون فنقول لهم  القافلة تسير والكلاب تنبح فهل رأيتم سحاب ضره نبيح كلاب !؟



بقلم / سلطان سالم الكلباني

10/4/2018

الاثنين، 12 مارس 2018

ألَمُ ذِكرى



يا وَيْحَ قلبيَ مِن ذِكرى ومِن صُوَرٍ
                        تَسري بخَفقٍ شديدٍ في شراييني

تُعيدُ لي وَلَعَ الهُجْران في شَغَفٍ
                               بين الفؤادِ لها نَزْفٌ يواريني

بها أُقَلِّبُ بين الصَّدرِ صَفحتَها
                  سِفْرَ [1] الشُّجون ودَمعي لا يُماريني

سَهرتُ ليليَ في تَجديدِ أحرفَها
                            لكنَّ دَمعي تَفَشا في مَضاميني

فسال دَمعيَ بين الحِبرِ في نَسَقٍ
                         تَركتُ حِبري فإنَّ الدّمعَ يَكفيني

غدَت مَحاجر عينِي كالدَّواةِ [2] ، كما
                        صارَ النَّشيج يراعاً خَطَّ مِن دوني

يا أحرفَ الحُزن يا ذِكرى تُؤرِقُني
                        ألمْ تَكُفِّ عن الإمْعانِ في هُوني !؟

في صَفحةٍ مِن شِغافِ القلبِ أحرُفها
                  هَيهاتَ يَستوعبُ القُرطاسُ مَضموني

لقدْ غَدوتُ طَليقَ الخَطوِ في قَفصٍ
                      كالتيهِ [3] لكنْ بهِ حالي كَمَسجونِ !

أسيرُ أخطو على رَمضاءِ طَعنتِها
                       نَحوَ السَّرابِ وظَني عَذْبُ يَرويني!

مَن يَمتَطي صَهوةَ الذّكرى فتوصِلهُ
                                      جديدُ آهٍ وأنَّاتٍ لِمَطعون ِ

تالله أفتأُ [4] عن نِسيانِ طَعنتها
                   مادمتُ في الأرضِ حتى التُّرْبُ يَعلوني

------------------------

شعر / سلطان سالم بن شيخان الكلباني
                              [٢٠٠٢م]
                 الإمارات العربية المتحدة


====================

[1] السِّفْرُ : الكِتابُ .
[2] الدَّواةُ : المِحبرة ؛ وعاءٌ يوضع فيه الحِبر.
[3] التِّيهُ : الصحراء الواسعة .
[4] فَتِأ : فَتِئ ؛ أي مازال؛ مختصة بالجحود؛ وفي القرآن : {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي : ما تفتأ ؛ أي : مازلت تتذكر يوسف.



الأحد، 11 مارس 2018

أنا لا أتكلم من الناحية الدينية.... !!

يدور حوارٌ بينك وبين آخر فتسمع عبارة تتردد بتكرار من هذا و ذاك ، والأغرب أن تصدر ممن يُفترض فيهم عمق التفكير احتراماً - على الأقل -  لألقابهم العلمية أو مواقعهم الثقافية.

فيقول قائلهم : (أنا لا أتكلم من الناحية الدينية بل من الناحية... الخ) فيسمي ناحيته تلك إقتصادية أو سياسية أو إعلامية.... الخ .

وغالباً ما يتم الاستعانة بهذه العبارة لتبرير أو شرعنة رأي أو فكرة معينة فتُوَظف لتنحية الحكم الشرعي للإسلام في ذلك الرأي أو هاتيك الفكرة ! استباقاً ومنعاً - في الظن - من ردها ونقدها لتعارضها مع شريعة الله تعالى ودينه وبالتالي تسويغها وتأصيلها تحت عنوان جذاب وشعار منمق تسهيلاً لتقبلها وترويجها وإقناع الغير بها .
وفي الحقيقة إنّ هذه العبارة تنم عن تفكير سطحي وضحالة معرفية في أصول الإسلام ومرامي العقيدة الإسلامية الصحيحة وجهل متجذر في الخطاب والطرح المقنع !
ذلك أن كل فكرة ورأي أياً كان ومن أي أحد كان يجب أن يوضع في ميزان دين الله تعالى وشرعه وحكمه . فإنْ لم يخالفه ويضادهُ فمرحباً به ، أما إذا خالفت تلك الفكرة أو ذلك الرأي دين الله تعالى وشرعه وحُكمه فلا مرحباً به و لا كرامة .
فالإسلام دين يتسم بالشمولية ؛ فكما أنه شامل وصالح لكل زمانٍ ومكانٍ ولكل شعوب الأرض فهو أيضاً شاملٌ في منهجه وهيمنة شِرْعته وعقيدته في كل نواحي الحياة فهو دين حاكمٌ على الدنيا والآخرة لأنه من لدُن الخالق لهذا الإنسان والخلائق والكون أجمع .

فحياة المسلم تسير وفق الصراط المستقيم الذي ارتضاه الله له فيما أنزله من الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قرآناً وسنة. كما قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}  [الأنعام 162].

فالله سبحانه وتعالى الخالق المعبود بحقٍّ وحده ، والذي تُصرف له العبادة ويُتَوجَه له بالنُّسك . وهو سبحانه الذي تنتظم على شريعته الحياة ؛ الحياة بشمولية هذا اللفظ و معناه الحقيقي الذي يستوعب و يتضمن معنى الحياة كلها من قول باللسان أو فعل بالجوارح والأركان أو إيمان واعتقاد بالقلب والجَنان فكما أن العبادة والصلاة لا تكون إلا لله فإن الحياة بكل تفاصيلها لا تكون إلا لله وحده .

فمن يظن أن دينه فقط في الأذكار والصدقات والصلوات و الحج والعمرة  والدعوات...الخ فهو مخطئ فليراجع نفسه ودينه.
ألا ترى في قوله سبحانه : {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق 18]  استغراق وشمول لكل ما يتكلم به ويتلفظه الإنسان خيراً كان أم شراً يكتب له أو عليه ؟
فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا مَناص من وضع كل فكرٍ وكل قولٍ و رأي في ميزان دين الله تعالى فإن خالف رُدَّ وصُدَّ وإنْ وافق قُبِل واعتُدَّ .
ولم يكن أمرهُ بعد ذلك بالخِيار بل يلزمه قول الحكيم الجبار : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}  [النساء 36]

فالمؤمن الحق لا يَستَنكفُ عن قبول الحق.
والمسلم الصادق مع الله المُصدِّقُ بما جاء من الله لا يزال يتحرى الهدى ليتبعه ويخشى الهوى فيجتنبه . وقّافٌ على الحق متى تجلى له ، رجّاعٌ للصواب متى استبان له ،  فلا يجدُ في نفسه حرجاً لهدم جدار باطل رأيهِ أمام صروح الحق والحقيقة الشوامخ فهذه أسمى مراتب الطاعة والإيمان بالله وأعلى درجات العبودية له سبحانه
قال تعالى : {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}  [الأحزاب65] .

وحَسْب المسلم الفَطِن في الحذر من خطورة الكلمة قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 《إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ》[رواه البخاري6487] .

فما وزن القول (أنا لا أتكلم من الناحية الدينية..... )  في ميزان الإسلام ؟ هل هناك استثناء لقول دون آخر ؟ أو حصانة لإنسان أو فِكر يُخرجهُ عن هذا الحكم الذي عم ظله كل ما يصدر عنا !؟

مهما أدرجنا أفكارنا وآراءنا الباطلة تحت عناوين جذابة أو شعارات رنانة فإنها لن تصير حقاً لمجرد ذلك العنوان أو ذانك الشعار فإن تغيير المُسميات  لا يغير من الحقائق، وتبديل العناوين لا يصرف عن حقيقة المضامين . فاجعل مفتاح ولوج قولك لقلوب الناس رضا الله لا رضا الناس فإذا رضي الله عنك أرضى عنك الناس.



كتبه / سلطان سالم بن شيخان الكلباني
                في ٢٠١٨/٣/١١
           دولة الإمارات العربية المتحدة

الأحد، 7 يناير 2018

مقتطفات شعرية / جزء من قصيدة

يا كَمْ بَكينا دَماً حُزناً لأندلسٍ
          واليومَ كم مثلها مِن أهلنا هانوا

عَمَّتْ نوازفُنا في كل ناحيةٍ
            قُلْ لي بربي لأيِّ الدارِ حَزنانُ ؟

للقدسِ؟  أمْ لبغدادَ الرشيد غَدَتْ
            يَجوسُها عِلجُ  أمريكا وإيرانُ؟

شِيدَتْ حضارتُنا مِن وحي خالقِنا
        ما شادها من تُراب الطوب بُنيانُ

وا حَرَّ قلبي وقد كان الأُلى سكنوا
     شَعْرَ الشِّياهِ فَمَن نحنُ ومَن كانوا ؟!

هل تَنفعُ الآهُ لو قد قُلتُها كَمَداً ؟
          فَلْتَكتُمِ الآهَ إنّ الخطبَ سِيانُ

فجمرةُ القَهْرِ بينَ الصّدر موقدةٌ
       مِن حَرِّها سابقاً قد قال إنسانُ :

(لمِثلِ هذا يموتُ القلبُ مِن كَمَدٍ
      إنْ كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ).


_______________________
شعر / سلطان سالم الكلباني
دولة الإمارات
٢٠٠٧/٧/٢٢م .