من العجائب والعجائب جمةٌ ، أن ترى أقواماً يظهرون الفرح والسرور والتوسع في المأكل والمشرب ويقيمون الاحتفالات في مناسبات اخترعوها من تلقاء أنفسهم لم يشرعها الله ولا رسوله ﷺ ، وما عرفها أفضل أمته من الصحابة والقرون الفاضلة المفضلة عليهم الرضوان .
وفي مقابل تلك الصورة من المظاهر المبتدعة ترى أولئك خاملين فاترين عن إظهار ولو اليسير من تلك المظاهر في الأعياد التي شرعها الله تعالى لأمة الإسلام . بل ترى بعضهم قد أسهر ليلة عيد الفطر والأضحى في تكلفات لم تطلب منه شرعاً ، ثم إذا قرب الفجر أو بعده أخلد إلى سرير النوم هو وعياله فلا صلاة عيد ولا إظهار للسرور والفرح ولا حرص على زيارة الأهل والأرحام .
فيا لله العجب كيف انقلبت السنَّة بدعة والبدعة سُنَّة ! ويا لله العجب كيف يُنشَّأ جيل وهو يرى تغيير المظاهر الشرعية وحلول المظاهر البدعية تحت لافتات وذرائع العادات والتقاليد ! ولعمري لو كانت هذه من العادات حقاً وزاحمت الشرع الذي قرره ربنا لكان نفيها أوجب و المصلحة من طمسها جلية واضحة ، فكيف والحقيقة أنها دعاية أُلبست ثوبا شرعياً دينياً زوراً وبهتانا !؟
وينفى بعضهم عنها صفة (الدينية) استغفالاً أو غفلة ، فلماذا ربطموها بقرب مواسم شرعية للعبادة بل عينتم لها توقيتاً ولم تحولوها إلى توقيتات أخرى !؟
وكيف يستدلون عليها بأحاديث باطلة مكذوبة ومخترعات وضعت من أكياس أصحابها ليس لهم عليها من الله ورسوله دليل ولا برهان . وفي أحسن أحوالهم يستدلون بنص شرعي صحيح بفهم سقيم قبيح ! فكان حالهم كمن استدل على وجوب الوضوء بقوله تعالى : { قل هو الله أحد }! وإنَّ أوهن الأدلة أدلة البدع لو كانوا يعلمون .
إن الأعياد والمناسبات الشرعية مقررة من رب العالمين ولا مجال فيها للتلفيق والتلصيق ولا الاختراع والابتداع ، قال سبحانه : {لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } [الحج :34] كان الصحابي الجليل ابن عباس يقول في قوله تعالى: { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ } يقول: عيدا. [تفسير الطبري] .
فما أصدق حال المتجاوزين الشرع في هذا ما ذكر أيضا عن ابن عباس أنه قال :《 ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة , حتى تحيا البدع وتموت السنن .》[ اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة].
كتبه : سلطان بن شيخان الكلباني
١٥ شعبان ١٤٤٤