من يصدق هذه الرحمة التي نزلت على أمريكا (المحتلة) وخلفها الغرب حتى شحنوا الأفغان الفارين من طالبان في طائرات (الغزو) ! وجلبوهم إلى دولهم (الرحيمة) في صورة مهاجرين مكرمين !؟
تلك الطائرات هي ذاتها التي تعلق بها من لم يحالفه الحظ في نيل حظوة العدالة الأمريكية الغربية فسقط أو وصلت بقايا أشلائه الممزعة إلى دول الحرية والإنسانية ! .
هذه الآلاف من الأفغان ما هم إلا مادة مشروع سيتم فيه تصنيع طابور أفغاني على الهوى الأمريكي الغربي ليزج به مستقبلاً ليتولى زمام الأمور في قيادة التغيير الثقافي والفكري والسياسي المستقبلي في أفغانستان وذلك بعد انتهاء الهدف الذي دفع امريكا للتمكين لحكم طالبان وترك ترسانة ضخمة من الأسلحة لقمة سائغة لطالبان عن عمد وسبق إصرار !.
ربما لم يكن الأمريكان عندما قرروا غزو أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 تحت شعار محاربة الإرهاب والإطاحة بحكم طالبان على إحاطة كافية بالمنابع الفكرية العقدية للحركة ذات المرجعية الصوفية الديوبندية . فكانت سنوات الاحتلال كفيلة برسم صورة واضحة عنهم في الفكر السياسي الاستخباراتي الأمريكي ، فعقدوا معهم هذه الصفقة المريبة . ومع ذلك لن يطول بقاء الحركة في السلطة هذا إن صفت لها دون منغصات .
والمتتبع للسياسات الغربية منذ عهود احتلالهم ونفوذهم في العالم العربي والإسلامي وإلى اليوم يرى بوضوح ثماراها في تمكين الشيعة الرافضة والصوفية والعلمانيين على قدم المساواة.
ولا تقرر هذه القوى الاستعمارية الانتهازية إستبدال من أتت بهم في سدات الحكم إلا بعد تيقنها من انتهاء صلاحية تلك الأنظمة وعدم كفاءتها لخدمة أهدافها وسياساتها .
وما تنازل أمريكا عن النظام الأفغاني الأخير _ وهو ثمرة احتلالها _ وتسليم البلاد لعدوها ( الإرهابي ) السابق طالبان بكل أريحية وسلاسة إلا دليلاً على هذه السياسة الإنقلابية النفعية ، حتى وإن كان على أشد عملائهم ولاءً.
ومن العجب حقاً أن ترى تباكي البعض على الخروج الأمريكي من أفغانستان وكأن الحرية والعدالة والرحمة قد خرجت من افغانستان بخروج أمريكا منها ! ويصمون آذانهم ويتعامون عن أن من سلم أفغانستان لطالبان ( الإرهابية) هي دولة الحرية والعدالة التي جلبت لهم الديمقراطية السمحاء ! .
و أعجب من هذا من خرج من وطنه يوم رحيل المحتل عنه ليستوطن أرض المحتل ! فأي صفة يستحق هذا وأي ولاء للوطن في صدره !؟ ولن يبرر خيانة الأوطان إلا خائن.
تظل عقلية المحتل هي هي منذ الأزل هذا هو الغرب منذ وطأت أقدامه أراضي غيره عقلية النهب والسلب لخيرات الأرض والاستعباد لشعب تلك الأرض ثم بيعهم عند أقرب سوق مقايضة لتجار المال والسلطة .
بقلم / سلطان سالم بن شيخان الكلباني
٢٠٢١/٨/٢٩
twit & ins : @ssss4k
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق